ولكنَّ المُكفِّرين للأفرادِ، أو المُجتمَعَات على ثلاثة أنواع:
(#الأول) هوَ مَن يَكون صحِيحَ القصدِ مُصِيبًا للحَقِّ في التكفيرِ، كالذى يُكفّر قوما متناصرِين في الكُفرِ، يَقودُهم رؤساء خارجون عن كتابِ الله، ولا يُخفون خروجهم عن شرائع الكتابِ، بل يُعلنون كتابا آخر من وضع البشر، أو يُكفِّرُ فردًا مُجاهِرًا بتكذيبِ وانكارِ التَّوحيدِ والبعثِ والملائكةِ والرُّسلِ والقُرآن. فهذا على صراطِ الله المستقيم، وهو مُقتدٍ برُسُلِ اللهِ.
(#الثاني) ان يكون صحِيح القصدِ ضالا عن الحقّ ، كتكفِيرِ الخوارج للمسلمين بارتكابِ الكبائر، كانُوا يُريدُون الأمرَ بالمعرُوف والنَّهيَ عن المُنكرِ، فوقعُوا في مُنكر أكبر ممّا نهوا عنهُ، وتركُوا معرُوفًا أكبر مما أمرُوا بِهِ. ولذلك ذكر بعضُ الصحّابةِ أنّ الخوارجَ من أهلِ هذِهِ الآية: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103-104)
(#الثالثة) ان يكون فاسِدَ القصدِ، ِ يُكفُّرُ منْ يُكفّرُهُ لاَجلِ الانتقامِ منه، فهوَ لما غُلِبَ بالاَدلةِ، وعرفَ انُّهُ في ضلالةٍ، وثقُلتْ عليه الَتوبةُ من الكِبرِ والتّعالِي، أصَرَّ على الضلالِ على علمٍ منه. والمسكين لا يدري اَنّهُ قدْ سلكَ مسلكَ اَكابرَ المُجرمين الذين كفَّرُوا رسلَ اللهِ والمُؤمنين لأجلِ ثباتِهم على التوحىد، ودعوتهم اِليهِ.
#إنَّ العالِمَ عندما يتجردُ من خشية الله وتصيرُ غايتُهُ اكتسابَ شهرةٍ وعلوٍّ في الأرض، أو شيء من عرَض الدنيا الزائل؛ فإنَّهُ لا يُبَالِي بأي طريقةٍ ينالُ بِهَا، ولا يَقبلُ أيَّ تهديدٍ يراهُ مُستهدِفًا لمنصبهِ، ولوكان حقّا، ونصًّا صَريحًا صحيحًا، ويفعلُ كلَّ ما يراهُ محقِّقا لِمَصلحَتِهِ الدُنيويَّة، ولو كانَ ذلكَ ممَّا يُضادُّ الله ورسُولَهُ، فيكُونُ كالَّذِي أخلدَ إلى الأرضِ واتَّبعَ هَواهُ المذكور في سُورةِ الأعراف.
#وقد رأيتُ #شيخا يُفتي بكفر #الجماعة_الإسلاميّة، وجاء تكفيرُه في وقتٍ قد سبقَتْ لهُ أن أخرجَ الله مِن فِيهِ كلمةَ حقٍّ صائبةٍ، كانت الجماعة تصدعُ بها، وهو يُنكرُها، ويجهرُ بخلافها. فسأله بعض طلبته عنها، فأجاب مغاضبا خائفا من انحياز الطلبة عنه بقول معناه : "لا تأتوني بأقوال السفهاء فإنهم الآن عندي كفرة، وأرى إبادتهم وقتلهم، إما لكفرهم أو لإفسادهم الديني". هكذا بلا خشية، وبلا حيَاء، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ) (البقرة:13).